قد يبدو حدوث الحمل عملية سهلة، ولكن تكمن الحقيقة في أنه يستلزم العديد من الأنشطة لحدوثه، ودعينا نبدأ بعملية ""التبويض"" التي تنضج فيها البويضة الصحية وتستعد ليتم تخصيبها بواسطة حيوان منوي صحي أيضًا، فإذا لم تكن البويضة موجودة أو لم تنضج بعد أو انتهت فرصة تلقيحها، عندئذ لن يحدث التخصيب.
يتحكم في فرصة حدوث حمل خلال فترة التبويض عدة عوامل تتمثل في التفاعل الدقيق بين الهرمونات والعامل الاحيائي والتوقيت والعلاقة الحميمية. وباستثناء العلاقة الحميمية، لا تخضع أي من تلك العوامل لإرادتنا الواعية. لذا من غير المستغرب أنه لا يمكننا أن ندرك اللحظة الدقيقة لحدوث التخصيب.
التبويض – ما هو بالضبط؟
تحدث عملية التبويض عندما يطلق أحد مبيضي المرأة بويضة واحدة لتجد طريقها نحو الرحم مرورًا بقناة فالوب، ويتسم المبيضان بأنهما عضوان على شكل حبة لوز يقعان في أعماق الحوض، ويتمثل دورهما في مساعدة البويضة على النضج كل شهر ومن ثم إطلاقها، ويتناوب المبيضان لدى أغلب النساء في إطلاق البويضة، وفي حالات التوائم غير المتطابقة، يطلق كلا المبيضين بويضة في الوقت نفسه.
بعد إطلاق البويضة، يتم دفعها بلطف نحو الرحم. تغطي نتوءات دقيقة تشبه الشعر سطح قناتي فالوب و ""توجه"" البويضة المجهرية نحو الوجهة التي تقصدها، وتحدث عملية التخصيب لدى أغلب النساء في قناتي فالوب وليس داخل الرحم. تُسمى البويضة المخصبة بالبويضة الملقحة (الزيجوت)، وتحمل جميع المعلومات الوراثية (الحمض النووي) اللازمة لتكوين الجنين. تنتقل نصف معلومات الحمض النووي من بويضة الأم، بينما ينتقل النصف الآخر من الحيوان المنوي للرجل.
أترغبين في معرفة تفاصيل الأحداث؟
يسلك الزيجوت طريقه نحو الرحم مرورًا بقناة فالوب، وفي خلال هذه الرحلة، تستمر البويضة المخصبة (الزيجوت) في الانقسام والتكاثر لتكون كرة من الخلايا تُسمى الكيسة الأريمية، وعندما تصل الكيسة الأريمية إلى الرحم، فإنها تعشش وتنغرس داخله لمدة 36 شهرًا أو نحو ذلك، وفي حال لم يحدث ذلك وتوقف تقدمها، ما أدى إلى استمرار نموها داخل قناة فالوب، عندها يحدث حمل خارج الرحم (الحمل المنتبذ).
ونظرًا لعدم قدرة قناة فالوب على التمدد وكونها غير مخصصة للتوسع كما هو الحال مع الرحم، قد يتسبب حجم الجنين المتزايد في تمزيق قناة فالوب؛ لذا يعد الحمل خارج الرحم ضمن حالات الطوارئ الطبية، ويتطلب تلقي عناية متخصصة فورية.
وفي الوقت نفسه الذي تنضج فيه البويضة داخل المبيض، تكون بطانة الرحم في طور الإعداد أيضًا، ويبدأ الدم في التكون كل شهر لتغذية الجنين وحمايته، وإذا لم يحدث التخصيب، يتخلص الجسم من بطانة الرحم والبويضة من خلال الدورة الشهرية.
نصائح خاصة بعملية التبويض
• يحدث التبويض عادةً كل شهر خلال سنوات خصوبة المرأة، والتي تبدأ من سن الثانية عشر وحتى انقطاع الطمث في عمر الخمسين تقريبًا، ويعني ذلك أن التبويض يحدث حوالي أكثر من 450 مرة، وذلك بالنسبة لمتوسط أعمار السيدات.
• يبلغ طول الفترة التي تفصل بين الدورات الشهرية لمعظم النساء 28 يوم، مع إمكانية حدوث التبويض لدى البعض قبل ذلك أو بعده بعدة أيام.
• وإذا كانت الفترة الفاصلة بين دورتك الشهرية أطول من ذلك، لا يزال من المرجح حدوث التبويض في منتصف المدة التي تفصل بين آخر يوم في الدورة الشهرية وحتى تاريخ بداية الدورة التالية.
• قد يتسبب التبويض في الشعور بعدم الارتياح في منطقة الحوض بالإضافة إلى بعض التغيرات التي تطرأ على مخاط عنق الرحم، ويطلق على ألم منتصف الدورة ""ألم الإباضة"".
• من شأن التوتر ونمط الحياة غير الصحي والمواد المخدرة غير المشروعة وتدخين السجائر والشرب المفرط للمواد الكحولية والتغيرات التي تطرأ على الروتين الاعتيادي، أن تؤثر جميعها على الدورات المبيضية.
• تطلق أغلب النساء بويضة واحدة كل شهر، وإذا كانت المرأة تنتمي لأسرة ذات نزعة وراثية لتعدد المواليد، قد تنتج أكثر من بويضة واحدة.
• تعيش البويضة لمدة تتراوح بين 12 و24 ساعة منذ إطلاقها؛ لذا يتعين على الأزواج الراغبين في حدوث الحمل ضبط وقت ممارسة العلاقة الحميمة ليتزامن مع فترة التبويض.
• قد يستغرق مرور البويضة المخصبة عبر قناة فالوب والانغراس في جدار الرحم حوالي أسبوع.
• تولد الفتاة مع جميع البويضات التي ستحتاجها، وبمرور السنوات، يتم استهلاك مقدار البويضات لديها تدريجيًا حتى تصل إلى مرحلة انقطاع الطمث، وعندئذ تنقطع عملية الإباضة.
• قد يحدث التبويض لدى المرأة دون دورة شهرية.
• قد يحدث التبويض في خلال الفترة المتراوحة ما بين 12 إلى 16 يومًا من دورة المرأة، وذلك بالنسبة للسيدات اللواتي تحدث دورتهنّ الشهرية بصورة منتظمة كل 28 يومًا.
الطور الجريبي
يحوز الطور الجريبي أو الطور الأولي للدورة المبيضية على نفس درجة أهمية الطور الأصفري أو الطور الثاني، ويبدأ الطور الجريبي في اليوم الأول من دورة المرأة الشهرية ويستمر حتى موعد التبويض، وحتى في وقت الدورة الشهرية، يحدث للمرأة تغيرات هرمونية مهمة تساهم في نضج البويضة للشهر التالي.
ماذا يحدث في خلال الطور الجريبي والطور الأصفري؟
• ينخفض هرمون الإستروجين خلال المرحلة الأولى من الدورة الشهرية، ما يؤثر على معدل مستويات الهرمون المنبه للجريب، يعمل الهرمون المنبه للجريب على تنشيط جراب المبيض حتى ينضج ومن ثم يطلق البويضة التالية.
• ثمة نظام تغذية مرتدة يعمل بين المبيضين والغدة تحت المهاد والغدة النخامية لتوضيح توقيت نضج البويضة وجاهزيتها للإنطلاق والأمور المطلوبة لدعم الحمل المحتمل.
• هناك عدد من الجريبات التي تتنافس على إطلاق بويضة ناضجة، ولكن يتمكن الجريب الناضج الوحيد فقط من إطلاق البويضة.
• يساعد إفراز الهرمون الملوتن على إطلاق البويضة من المبيض، ويسمى الجريب الذي يطلق تلك البويضة ""الجسم الأصفر"" ويعمل على إفراز هرمون البروجسترون، والذي بدروه يساعد على زيادة سمك بطانة الرحم.
• يساعد هرمون البروجسترون على دعم الجنين أثناء نموه إلى حين تكوين المشيمة والتي تضطلع بذلك الدور.
كيفية الحمل أثناء فترة التبويض
يكمن السر في عدم انتظار الوصول إلى فترة التبويض وبدء المحاولة عند اقتراب موعدها، وذلك بسبب قلة الوقت الذي تكون فيه البويضة ناضجة ليتم تخصيبها، فيجب أن يكون الزوجين مستعدين لذلك؛ لذا، فإن انتظار موعد حدوث التبويض قد يقلل من فرص الحمل، ولكنه قد يزيد من فرص الحمل بطفل ذكر؛ وبالتالي يمكنكِ تقليل عدد مرات ممارسة العلاقة الحميمية من أجل إنجاب طفل ذكر.
يمكنكِ تتبع فترة ذروة خصوبتكِ عبر:
• استخدام جهاز اختبار التبويض، حيث يكون متوفراً في الصيدليات بأسعار مختلفة.
• مراقبة التغيرات في إفرازات عنق الرحم، بحيث تزداد هذه الإفرازات وتكون لزجة وصافية، في حين تقل إفرازات عنق الرحم خلال المراحل التي تقل فيها الخصوبة، مثل فترة ما بعد الدورة الشهرية مباشرةً.
• قياس درجة حرارة الجسم القاعدية، حيث تزداد درجة الحرارة قليلاً عندما يحين موعد فترة التبويض.
• الاحتفاظ بتقويم أو مخطط لفترات التبويض والدورة الشهرية في الأشهر السابقة.
الوقت المناسب لممارسة العلاقة الحميمة إذا كنتِ ترغبين في حدوث الحمل
• ممارسة العلاقة الحميمة كل يومين أو ثلاثة اعتباراً من اليوم السابع وحتى اليوم العشرين من الدورة الشهرية.
• تساعد ممارسة العلاقة الحميمة ممارسة منتظمة على زيادة فرص الحمل، ولكنه ليس أمراً أساسياً؛ فالعديد من النساء قد حملن بعد ممارسة العلاقة الحميمة بشكل غير منتظم أو متقطع أو عادي.
• لا تنسي أن الحيوانات المنوية يمكنها البقاء لمدة تصل إلى خمسة أيام بعد خروجها من جسم الرجل في انتظار إطلاق البويضة لتخصيبها؛ وبالتالي لن تحتاجي إلى انتظار فترة التبويض للحمل.
• لا زال هناك بعض الخلاف حول إذا ما كان وقت ممارسة العلاقة الحميمة يؤثر على احتمالية الحمل، حيث يعتقد البعض أن ممارسة العلاقة الحميمة في الصباح يزيد من فرص الحمل خلال فترة التبويض ويقول البعض الآخر أن ذلك ليس له أي دور فعلي.
بعض النصائح التي تساعد على حدوث الحمل
• إجراء فحص طبي شامل إذا كنتِ تخططين للحمل؛ فمن الضروري التأكد من مناسبة وزنكِ واتباعك نظام غذائي صحي، وتعد التوجيهات المعنية بإحداث تغييرات في نمط الحياة أمراً ضرورياً لتعزيز فرص الحمل.
• إن حمض الفوليك هو أحد المعادن التي تؤثر على نمو الحبل الشوكي للجنين بشكل صحي خلال الثلث الأول من الحمل، فبرغم أن تناول المكملات الغذائية لن يساعد في الحمل، إلا أنها ستقلل من احتمالية الحصول على طفل يعاني من السنسنة المشقوقة أو أي من عيوب الأنبوب العصبي الأخرى.
• تقليل شرب الكافيين والنيكوتين والأدوية الأخرى. تأكدي من أن أي علاج دوائي تتناولينه لا يمنع استخدامه في المراحل المبكرة من الحمل، حيث أن بعض الأدوية يعرف بأنها تؤدي إلى تشوه الجنين، أي أنها قد تؤثر على النمو الجسدي الطبيعي للجنين في المراحل المبكرة.
• تجنب التفكير في أن المرأة وحدها من يجب عليها اتباع نمط حياة صحي لتعزيز فرص الحمل. إذ أن الرجل أيضاً قد يستفيد من الإقلاع عن شرب الكحول وتناول الطعام الصحي وكذلك الحفاظ على جسمه ضمن مؤشر كتلة الجسم الصحي.
• تجنب استخدام أي شكل من أشكال وسائل منع الحمل؛ فإذا كنتِ تستخدمين وسائل منع الحمل الهرمونية -مثل حبوب منع الحمل-لفترة من الوقت، يمكن أن يؤدي التوقف عن تناولها إلى انقطاع التبويض حتى تستقر مستويات الهرمونات وتعود إلى طبيعتها.
• ممارسة التمارين بالقدر المناسب. يعتبر ممارسة بعض أنواع التمارين أمراً جيداً للجميع؛ ولكن، قد يعيق الإفراط في ممارسة التمارين حدوث التبويض بشكل منتظم. وبالمثل، يمكن أن يؤثر اتباع نظام غذائي مفرط وعدم تناول كمية كافية من السعرات الحرارية على نمط حدوث التبويض.
تذكّري:
إذا كنت تحاولين الحمل لمدة سنة أو أكثر وكنتِ تمارسين العلاقة الحميمة بشكل منتظم ولم تستخدمي أي من وسائل منع الحمل، فمن المعقول طلب استشارة طبية، حيث أن التأخر في ذلك قد يؤثر في احتمالية حدوث الحمل. كما أنه كلما تقدمت المرأة في العمر، تقل خصوبتها؛ وبالتالي، تقل فرص حدوث الحمل لديها.
لا تفترضي أن مشاكل الخصوبة تتعلق بالمرأة فقط، حيث يمكن أن يعاني الرجل أيضاً من مشاكل في عدد الحيوانات المنوية وحركتها؛ وبالتالي، يتسبب أيضاً بالقدر نفسه في مشاكل الحمل؛ ولذلك يجب على الشريكين الراغبين في الحصول على طفل إجراء فحوصات الخصوبة الشاملة.
